” أشكرك يا رب على هذا الصباح الجديد الجميل، أشكرك يا رب على صحتي وصحة عدنان وفرح وراكان وعمر.”
بهده الكلمات أبدأ نهاري كل صباح وقبل أن تدوس قدماي الأرض. أقولها وأنا واعية تماما لكل ما تحمله هذه الكلمات من صور ومشاعر وعبر.
أنظر أولا إلى زوجي عدنان وأنا ممتنة لصحته ولأنه معنا اليوم وقد شفي من مرض كاد أن يودي بحياته قبل إثني وعشرين عاما، ثم أتخيل وجه إبنتي فرح، أميرتي الذكية والمثابرة في حياتها وعملها في ماليزيا، وأشكر الله على صحتها، ثم يحلق فكري إلى كندا فأرى وجه إبني راكان مبتسما، وأتصوره في نجاحه وتميزه وتأقلمه مع الحياة هناك، فأشكر الله على صحته، والآن أرى عمر إبننا الأصغرالذي يعيش معنا في عمان، فأرى شابا شامخا واثقا وخدوما، وأشكر الله على صحته. ثم أفكر بنفسي وأشكر ربي أن لدي الصحة والقدرة لأبدأ يومي الجديد. هنا أفكر بنهاري وما علي إنجازه، وأستذكر آخر الأحداث التي أسعدتني لأستمد منها طاقتي لذلك اليوم.
إنني أحرص كل الحرص أن أبدأ يومي بهذه الطريقة، فقد أثبتت لي الأيام أنها أفضل الطرق للبدء بيوم جديد، خصوصا في الظروف الحالكة التي مررت بها، لأنها كانت تعطيني التوجه والطاقة والقوة للمضي قدما.
لقد بدأت بهذا الإمتنان الصباحي قبل أكثر من عشرين عاما، عندما عصفت الحياة بي وبعائلتي فتغيرت الظروف والأماكن والمعطيات وتغيرت معها الأدوار والمسؤوليات. في تلك الأيام أدركت تماما أنني أحتاج إلى صخرة قوية وثابتة أتكئ عليها وأنطلق منها إلى الأمام مهما كانت الظروف. لم أجدها آنذاك في الغربة والمرض والأحداث العاصفة، بحثت في خضم كل المتغيرات فلم أجد أقوى ولا أثبت ولا أصدق من صخرة الإمتنان، نعم الإمتنان لأبسط الأشياء التي أعيشها.
عندما أنظرلحياتي من خلال عدسة الإمتنان، أشعر بالسكينة والقوة في آن واحد فأرى كل التفاصيل التي حولي بعيون جديدة فأقدرها كما هي وليس كما أريدها أن تكون.
بالإمتنان تزداد ثقتي بنفسي، بالإمتنان أقدر من حولي، بالإمتنان يشع بريق الحلم أمام عيني، هكذا أقبل على خوض أيامي وخصوصا الصعبة منها فأعيشها بقلب يملؤه الإيمان بأنني قوية وبأنني أستطيع أن أشكل حياتي مهما كانت معطيات الأيام وبأنني سأكون على ما يرام مهما حدث.