العالم يتغير، وتتغير معه أعمالنا بظروفها وبمعطياتها، بالتالي علينا أن نبتكر حلولا جديدة إذا ما أردنا الإستمراروالتطور. إن من أفضل الطرق للإبتكار هي العصف الذهني حيث يتم طرح الأفكار والبناء عليها وتعديلها وتطويرها، ولكن الطرق المتبعة للعصف الذهني قلما تحقق النتائج المرجوة، لذلك اخترت أن اقدم لكم في هذا الشهر طريقة جديدة لعصف ذهني إبداعي تحقق أفضل النتائج إذا ما طبقت حسب الخطوات التي سأسردها لاحقا.
الأفكار هي عملة القرن الواحد والعشرين، ومع المتغيرات المتسارعة والمستمرة نحن جميعا وفي كل عمل وكل قطاع نحتاج الى أفكار جديدة سواء للتعامل مع متغيرات السوق أو متطلبات العملاء او للإستمرارية والتميز في عملنا، لأن أساس أي تميز في السوق هو أفكار جديدة وأحيانا تبدو أفكارا مجنونة في بداياتها، ثم تصبح أمرا طبيعيا ثم نحتاج لحلول جديدة وهكذا. فكيف نحصل على أفكار جديدة؟
لعلنا أضعنا فرصا عديدة في أساليب العصف الذهني التقليدي حيث تبدأ بجملة: ” يلا نعمل جلسة عصف ذهني” نجتمع وعادة ما يحصل التالي:
- الموظفون الجدد قد يخجلون من المشاركة بأفكار جديدة ظنا منهم أن ليس لديهم الخبرة الكافية في هذا العمل وقد يهزأ البعض منهم. علما أن الأفكار من قطاعات مختلفة تكون خلاقة وفعالة عندما يتم تطوريها وتطبيقها.
- الموظفون ( القدماء ) قد يكتسحوا ساحة الإجتماع ووقت الإجتماع مستمتعين بأنغام أصواتهم وسكوت الآخرين
- الموظفون المبدعون أو اصحاب التفكير الغريب ( المجنون) أحيانا قد يتحفظون على أفكارهم المجنونة خوفا من الإستهزاء فيقدموا أفكارا تقليدية ( على قد مستوى تفكير الحضور) أو يصمتون.
- تقبل الفكرة أو ترفض حسب الشخص الذي يطرحها، فإذا كان محبوبا صفقنا له وإن كان هناك إشكالية معينة مع أحد أفراد الإجتماع يبدأ الرفض وقتل بذور الفكرة في مكانها.
- قد يبدأ فرد العضلات أمام المدير لنيل الرضا
- وغيرها…
لذلك أقول أن اساليب العصف الذهني المتبعة عادة غير مجدية فإذا أردنا أفكارا جديدة علينا ان نبدا بأساليب عصف ذهني جديدة نحقق من خلالها الفرص للجميع بطرح أفكاره والبناء على أفكار بعضنا البعض، علما بأن التنوع بالأعمار والتخصصات والخلفيات يثري الفكر والنتيجة.
إليكم الأسلوب الجديد واسميته اسلوب Stop Watch Technique
المكان:
العصف الذهني ممكن أن يكون في مكاتب الشركة أو خارجها ولكن يجب أن تكون البيئة مريحة من ناحية الإضاءة والتهوية وممكن وضع موسيقى بصوت منخفض للتركيز شريطة أن تكون بدون كلمات ( موسيقى فقط) وهناك مجموعة جيدة جدا تجدونها على يوتيوب Brain storming music or thinking music على ان تروق للجميع بلا إستثناء، حتى يستطيع الجميع التفكير والإبتكار.
الحضور:
يفضل عدم وجود المدير بهدف أن يشعر جميح المشاركين بالراحة وبدوتن ضغوط.
يفضل التنويع في التخصصات والخبرات والأعمار وأن يكونوا إناثا و ذكورا
العدد بين ثلاثة إلى سبع أشخاص، ممكن أن يصل العدد إلى عشرة ولكن هنا نحتاج إلى وقت أكثر ولكنها ليست عقبةو ممكن التجربة وإذا لم تنجح تم تقليص العدد، فلكل عمل خصوصيته ولكننا نبحث عن ما هو غير مألوف.
أساسيات قبل أن نبدأ:
- لنتذكرأن أساس الإبداع في هذا النوع من العصف الذهني هو أنه مبني على الكمية وليس النوعية، نحن بحاجة لكمية من الأفكار وليس نوعية الفكار، بالتالي يجب أن لا نحكم على أي فكرة تخطر ببالنا فقط نطلقها
- لا تخافوا من الأفكار الجديدة الغريبة ، بل يجب أن تخافوا الأفكار القديمة التي خلقت المشكلة والتي ستبقيكم مكانكم
- بيئة مرحة ومريحة: لأن الأفكار الإبداعية غير التقليدية تنتج عندما يكون فكرنا مرتاحا وغير متوترين
- حددوا ميسرا للجلسة الإبداعية
الخطوات:
اولا:
قبل أن نبدأ يجب أن نحدد معا المشكلة التي نريد حلا لها، مثلا : نريد خدمة الناس في بيوتها / أو نريد كسب ولاء العملاء وإستقطاب عملاء جدد/ خدمات جديدية تجعل عملاؤنا يحدثون عنا / أريد تفاعلا أكثر مع الجمهور من خلال فقرتي دنيا التطوير التي أقدمها كل سبت على رؤيا، وهكذا..
ثانيا:
- نكتب ا المشكة التي حددناها في البداية على الوايت بورد أو فليب تشارت
- نوزع أوراقا على المشاركين بدون كتابة الأسماء وعلى رأس الصفحة تكتب المشكلة فقط
- نحدد الزمن بخمس دقائق أو عشر دقائق كحد أقصى حتى لا يكون هنالك وقت لتقييم الأفكار إطلاقا تذكروا ( نحن بحاجة لكمية وليس نوعية)
- ونطلب من الجميع كتابة ثلاثة حلول مبتكرة لهذه المشكلة أو خمسة حلول كحد أقصى يجب ان يتم الإتفاق على عدد الحلول المطلوبة
- ومع الموسيقى يبدا الجميع بكتابة أفكارهم الجديدة بإسهاب وتلقائية وحماس غير مكترثين بأراء الآخرين عن أفكارهم ( فلا أحد سيعرف أنك صاحب هذه الفكرة أو تلك)
- بعد مضي الوقت المحدد تجمع ميسرة الجلسة الأوراق من الجميع دون النظر إلى الأفكار المطروحة
- يتم خلط الأوراق
- توزع ميسرة الجلسة الأوراق مرة أخرى على المشاركين بحيث لا يحصل أي شخص على ورقته الأصلية
- نبدأ من جديد من النقطة 3 أعلاه ( حسب الوقت المحدد وعدد الأفكار المطلوبة سابقا) في الخطوة 3 أعلاه
- يبدأ كل شخص بقراءة الأفكار المكتوبة على الورقة التي استلمها، ممكن أن تعجبه فكرة معية فيبني عليها من أفكاره أو قد تلهمه فكرة أخرى بفكرة جديدة يضيفها وهكذا حتى ينتهي الوقت
- يعاد جمع الأوراق وخلطها مرة ثانية وتوزيعها من جديد لجولة ثالثة
ممكن الإكتفاء بثلاث جولات وبثلاث أفكار لكل جولة: فإذا كان عدد المشاركين خمسة هذا يعني أن لدينا خمس عشرة فكرة من كل جولة وخمس وأربعون فكرة من الجولات الثلاث
ماذا حدث؟
لقد أطلقنا العنان لإبداعنا فحصلنا على آراء من جميع المشاركين وبنينا على أفكار بعضنا البعضن كل من تميز طريقة تفكيره فخلقنا عصفا ذهنيا إبداعيا لم نحصل عليه من قبل حيث بنيناه معا ولم يتم الإستهتار بأي فكرة ولم يتم إكتساح ساحة الإجتماع ولم يخجل احد من افكاره المجنونة.
ثالثا مرحلة التبويب:
تقوم ميسرة الجلسة الآن بتبويب الأفكار حسب أساليب العمل أو الجهات المعنية أو الاقسام المعينة أو حسب طبيعة عملكم ويتم جمعها على الوايت بورد أو فليب تشارت
بعد التبويب، نشكل فرقا ونوزع الأبواب عليهم بحيث يقوم كل فريق بالبحث والتطوير لمجموعة الأفكار التي لديهم وتصنيفها وتهذيبها وتوجيهها وتحديد خطة عمل لتنفيذها.
لقد جربت أنا شخصيا هذه الطريقة لأكثر من مرة مع شركات وحتى مع علئلتي ( عصف ذهني لأمور العائلة) وكانت أكثر من رائعة، فما عليكم إلا أن تعطوا انفسكم وعملكم فرصة جديدة للإبتكار، فالأفكار التقليدية القديمة مهمة لبعض الأمور ولكن في الأفكار المجنونة حلولا جديدة قد تنعش العمل والمبيعات والخدمة وفريق العمل، إذا وضعت لها إستراتيجيات وخطة عمل صحيحة.
أتمنى لكم النجاح والتميز
م. رندا عازر